للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على غيره، لأنه قد علم أنه هو الناصر وحده، فالاعتماد عليه توحيد محصل للمقصود، والاعتماد على غيره شرك غير نافع لصاحبه، بل ضار، وفي هذه الآية الأمر بالتوكل على الله وحده، وأنه بحسب إيمان العبد يكون توكله» (١).

وقد أوضح الله ذلك في آيات كثيرة، منها، قوله تَعَالَى: ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [التوبة: ١١٦]، وقوله سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [آل عمران: ١٢٦].

ومن الخطأ: قصر مفهوم النصر على الحرب، فهو نصر ومعونة إلهية عامة مطلقة، فما من عبد استنصر بالله، وتولاه، وتوكل عليه، إلا تولاه سُبْحَانَهُ وحفظه وحرسه وصانه، وما من عبد خافه واتقاه، إلا أمنه مما يخاف ويحذر، ويسر له من كل خير وسعة.

ويقول ابن القيم في معنى قوله تَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ [الحج: ٧٨]-: «أي: متى اعتصمتم به تولاكم ونصركم على أنفسكم وعلى الشيطان، وهما العدوان اللذان لا يفارقان العبد، وعدواتهما أضر من عداوة العدو الخارج، فالنصر على هذا العدو أهم، والعبد إليه أحوج، وكمال النصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله» (٢).

وهذا هو الإيمان الذي استقر في قلوب أنبيائه سُبْحَانَهُ، ومن شواهد ذلك:

قول نوح حين عابوا عليه اتباع الفقراء والضعفاء لدعوته،


(١) تفسير السعدي (ص: ١٥٤).
(٢) مدارج السالكين (١/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>