للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويثمر هذا- أيضًا- اليقين بذهاب أعداء الله وإن ظهروا في وقت ما لحكمة، فنهايتهم إلى ذهاب؛ لأنهم مقطوعو الصلة بالله الولي المولى، قال تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: ١١]، ولما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم، قال النبي للصحابة: «أَجِيبُوهُ، قالوا: يا رسول الله، ما نقول؟ قال: قُولُوا: اللهُ مَوْلَانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» (١).

الأثر الرابع: محبة الله الولي المولى سُبْحَانَهُ:

إن اسم الولي المولى يدفع العبد المستشعر لمعناه إلى محبة الله جل في علاه؛ وبيان ذلك: أن الإنسان إذا تولاه أحد من البشر فكفاه حاجته، وأحسن إليه بالطعام والسقاء والإواء، وحماه من أعدائه؛ أحبه وشعر بفضله عليه، مع أن هذا البشر إنما تولاه لحاجة ومطلب في نفسه دنيوي أو خروي، وولايته لا تنفك عن النقص والخلل.

فإذا كان هذا هو الحال، فكيف لا يحب من هو ولي أمورنا كلها المتكفل بها جميعها، وكيف لا يُحَبُّ من هو ولي النعم كلها، وولي إحسان الخلق كافة، فما أحسن مخلوق لمخلوق ولا تولى مخلوق مخلوق إلا بتولي الله وتسخيره له؟!

وكل ذلك مع تمام غناه عنا، فلا هو محتاج إلينا فيتولى، ولا مفتقر إلينا فينعم، وإنما هو محض فضل منه سُبْحَانَهُ ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: ٥٧].


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>