للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختيار الله سُبْحَانَهُ لإبراهيم ليرمىه قومه في نار لا يقوى الطير على المرور من فوقها، وقد توفرت لهم العلة ولكن الله لم يخلق معلولها، فكانت بردًا عليه وسلامًا، يقول تَعَالَى: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: ٦٨، ٦٩].

اختيار الله محمدًا لتضع له السم يهودية، ويتخلف السم عن معلوله، فلم يضره ، ففي حديث أنس بن مالك : «أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا، فَقِيلَ: أَلَا نَقْتُلُهَا؟» (١)، وفي رواية مسلم: «فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ، قَالَ: مَا كَانَ اللهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكَ، أَوْ قَالَ: عَلَيَّ، قَالَ: قَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: لَا» (٢)، إلى غير ذلك من الشواهد والمعجزات الربانية.

[الأثر الرابع: الحكمة من خلق الخلق]

إن الإيمان بأسماء الله الخالق الخلاق البارئ المصور سُبْحَانَهُ يستلزم الإيمان بحكمته سُبْحَانَهُ من هذا الخلق، فالله تَعَالَى لم يخلق الخلق عبثًا- تَعَالَى عن ذلك وتقدس-، يقول تَعَالَى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: ١١٥].


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٢٤٧٤).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>