وإذا علم العبد أن الله ﷻ هو القيوم الذي استغنى عن كل شيء، وكل شيء افتقر إليه، فلا قوام له إلا بقيوميته؛ علم أنه لا يستحق أن تكون العبادة إلا له وحده لا شريك له، قال تَعَالَى محتجًّا على خلقه بقيوميته: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ﴾ [الرعد: ٣٣]».
أيستوي الرب الذي هو دائم لا يبيد ولا يهلك، قائم بحفظ أرزاق جميع الخلق، متضمن لها، عالم بهم وبما يكسبونه من الأعمال، رقيب عليهم، لا يعزب عنه شيء أينما كانوا، كمن هو هالك بائد لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم شيئًا، ولا يدفع عن نفسه ولا عمن يعبده ضرًّا، ولا يجلب إليهما نفعًا؟ كلاهما سواء؟» (١).
[الأثر الثالث: التوكل على الحي القيوم]
يقين العبد بأن ربه هو الحي الذي له الحياة الكاملة فلا يموت أبدًا،، القيوم الذي يقوم بأموره ويدبر شؤونه، ولا تأخذه سنة ولا نوم ولا غفلة؛ يوجب له التعلق به والتوكل عليه في رغبه ورهبه، ومعاذه وملاذه، قال تَعَالَى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان: ٥٨].
قال ابن كثير ﵀: «أي: في أمورك كلها كن متوكلًا على الله الحي الذي لا يموت أبدًا، الذي هو ﴿الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: ٣] الدائم الباقي السرمدي الأبدي، الحي القيوم رب كل