للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء ومليكه، اجعله ذخرك وملجأك، وهو الذي يتوكل عليه ويفزع إليه، فإنه كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك» (١).

ويوجب له قطع كل تعلق ورجاء بالمخاليق الضعفاء الفقراء الذين يلحقهم الموت والنوم والغفلة والنسيان؛ فإنهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم، وإذا ناموا أو نسوا أو غفلوا خُذِلَ من توكل عليهم، وهم مع ذلك كله لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، فضلًا عن أن يملكوا ذلك لغيرهم.

روي أن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية كان خلًّا لعبد الملك بن مروان، فلما مات عبد الملك وتصدع الناس عن قبره، وقف عليه، فقال له: «أنت عبد الملك الذي كنت تعدني فأرجوك، وتوعدني فأخافك، أصبحت وليس معك من ملكك غير ثوبيك، وليس لك منه غير أربعة أذرع في عرض ذراعين» (٢)، فكل حي يموت، ولا يبقى إلا الحي الذي لا يموت.

كما يوجب له التبرؤ من الحول والقوة والافتقار التام للحي القيوم، لسان حاله ومقاله: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، أي: لا تحول من حال إلى حال، ولا حصول قوة على القيام بأي أمر من الأمور إلا بالله، أي: إلا بعونه وتوفيقه وتسديده.

وهذه الكلمة شرعها رسول الله لأمته، وحثهم عليها في جملة من الأحاديث، منها:

- عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال: قال رسول الله


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ١١٨).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في الاعتبار وأعقاب السرور، رقم الحديث: (٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>