للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ» (١)، فوصف جعفر الإسلام بأنه مجموعة من القيم الأخلاقية، وعليه ينبغي على كل مسلم أن يلتزم بتلك القيم؛ ليرتفع قدره عند خالقه، وليكون سيدًا بين الناس.

[الأثر الرابع: التذلل بين يدي السيد]

إن الإنسان مهما بلغ من السؤدد في هذه الدنيا فهو سؤدد ناقص زائل، وهذا الشعور يثمر التواضع في قلب المسوَّد، وعدم استخدام سيادته في ظلم الناس والتكبر عليهم؛ لأن السؤود الحقيقي السرمدي لله ﷿.

وقد توعد الله من يستكبر عن التذلل بين يديه بالعذاب الأليم، والبعد عن مرضاة رب العالمين، يقول الطبري : «وقوله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا﴾ [النساء: ١٧٣]، فإنه يعني: وأما الذين تعظَّموا عن الإقرار لله بالعبودية، والإذعان له بالطاعة، واستكبروا عن التذلل لألوهيته وعبادته، وتسليم الربوبية والوحدانية له ﴿فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: ١٧٣]، يعني: عذابًا موجعًا ﴿وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [النساء: ١٧٣]، يقول: ولا يجد المستنكفون من عبادته والمستكبرون عنها- إذا عذبهم الله الأليم من عذابه- سوى الله لأنفسهم وليًّا؛ ينجيهم من عذابه وينقذهم منه ﴿وَلَا نَصِيرًا﴾ يعني: ولا ناصرًا ينصرهم» (٢)، فعلى العبد الخضوع والتذلل للسيد سُبْحَانَهُ خضوع الفقير المحتاج الذي لا طاقة له في البعد عن جناب سيده.


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (١٧٦٤)، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير إسحاق، وقد صرح بالسماع، ينظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٦/ ٢٧).
(٢) تفسير الطبري (٧/ ٧١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>