للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول علي بن أبي طالب : «ما في القرآن آية أوسع من هذه الآية: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٣]، وقال عبد الله بن عمر : وهذه أرجى آية في القرآن، فرد عليهم ابن عباس ، وقال: أرجى آية في القرآن قول تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾» (١)،

بل من فضله وجوده وكرمه: أن وعد بأن يبدل سيئات المذنبين إلى حسنات، يقول تَعَالَى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: ٧٠].

فحري بالقلب أن يتعلق بالغفور الغفار سُبْحَانَهُ، ويوحده بألوهيته وربوبيته، وينظر باستحياء لمظاهر مغفرته وعفوه، ويدعوه تضرعًا وخفية بأن يغفر الذنب ويقبل التوب.

وكما أن اسم الله الغفور الغفار دال على الربوبية والألوهية، فكذا هو دال على الأسماء والصفات؛ إذ يدل على اسم الله العفو، والرؤوف، والرحمن، والرحيم، والمنان، والكريم إلى غير ذلك من أسمائه سُبْحَانَهُ وما فيها من صفات.

الأثر الثاني: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾:

كل الذنوب تحت المشيئة في الآخرة، إن شاء الله غفر لأصحابها، وإن شاء عذبهم، إلا الشرك به سُبْحَانَهُ، فإنه لا يغفره، يقول تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].

«وهذا وعيد بأنهتَعَالَى لم يجعل مغفرته لمن أشرك به، وقد قال العلماء في قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨]: إن في هذه الآية دليلًا


(١) تفسير القرطبي (١٥/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>