على أن المغفرة لا تكون لمن أشرك شركًا أكبر، أو أشرك شركًا أصغر؛ فإن الشرك لا يدخل تحت المغفرة، بل يكون بالموازنة، فهو لا يغفر إلا بالتوبة، فمن مات على ذلك غير تائب فهو غير مغفور له ما فعله من الشرك، وقد يغفر اللهتَعَالَى غير الشرك، كما قال تَعَالَى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، فجعلوا الآية دليلًا على أن الشرك الأكبر والأصغر لا يدخل تحت المشيئة.
ووجه الاستدلال من الآية: أن (أن) في قوله تَعَالَى: ﴿لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨] موصول حرفي، فتؤول مع الفعل الذي بعدها وهو يشرك بمصدر- كما هو معلوم-، والمصدر نكرة وقع في سياق النفي، وإذا وقعت النكرة في سياق النفي عمت، قالوا: فهذا يدل على أن الشرك الذي نفي هنا يعم الأكبر والأصغر، والخفي، فكل أنواع الشرك لا يغفرها الله -جل وعلا- وذلك لعظم خطيئة الشرك؛ لأن الله -جل وعلا- هو الذي خلق، ورزق، وأعطى، وهو الذي تفضل، فكيف يتوجه القلب عنه إلى غيره؟! لا شك أن هذا ظلم في حق الله -جل وعلا- ولذلك لم يغفر، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وأكثر علماء الدعوة.
وقال آخرون من أهل العلم: إن قوله تَعَالَى هنا: ﴿لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾
[النساء: ٤٨] دال على العموم، لكنه عموم مراد به خصوص الشرك الأكبر، فالمقصود بالشرك في قوله تَعَالَى: ﴿لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨] هو: الشرك الأكبر فقط دون غيره، وأما ما دون الشرك الأكبر فإنه يكون داخلًا تحت المشيئة، فيكون بالعموم في الآية مرادًا به الخصوص؛ لأنه غالبًا ما يرد في القرآن هذا اللفظ: ﴿أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ ونحو ذلك، ويراد به الشرك الأكبر دون الأصغر، وهذا في الغالب- كما سبق- فالشرك غالبًا ما يطلق في