للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨ - مداومة الاستغفار]

فالذنوب والخطايا إن أحاطت بقلب أيها الإنسان سودَّته، والاستغفار أداة فعالة في تنقيته وتطهيره، فعن أبي هريرة مرفوعًا قال: «إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، صُقِلَ قَلْبُهُ، فَإِنْ زَادَ، زَادَتْ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: ١٤]» (١).

والعبد إذا استغفر ربه وكان صادقًا في استغفاره غفر الله تَعَالَى له، يقول تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٥]، فضلًا على أن كثرة الاستغفار تولد القوة في نفس التائب، وبذلك يصبح قوي الإرادة، يقول الله تَعَالَى: ﴿وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾ [هود: ٥٢]، وإطلاق القوة في الآية: يشمل الروحية والجسمية، كذلك كثرته تفتح أبواب الرزق، وتبعد الهم والحزن، يقول تَعَالَى في سورة نوح: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: ١٠ - ١٢].

ولذلك كان من هديه كثرة الاستغفار، وهو الذي غفر له ربه ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يقول : «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي


(١) أخرجه الترمذي، رقم الحديث: (٣٣٣٤)، وابن ماجه، رقم الحديث: (٤٢٤٤)، حكم الألباني: حسن، صحيح سنن ابن ماجه، رقم الحديث: (٤٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>