للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر السادس: ليس كل فتح نعمة، فقد يكون فتنة]

فقد يكون الفتح استدراجًا من الله، يقول : «إِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ، ثُمَّ تَلَا : ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤]» (١).

وقال بعض السلف: إذا رأيت الله يتابع عليك نعمه وأنت مقيم على معاصيه فاحذره؛ فإنما هو استدراج منه يستدرجك به، وقد قال تَعَالَى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [سورة الزخرف: ٣٣ - ٣٥].

وقد رد سُبْحَانَهُ على من يظن هذا الظن بقوله: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا﴾ [سورة الفجر: ١٥ - ١٧]، أي: ليس كل من نعمته ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته، وليس كل من ابتليته وضيقت عليه رزقه أكون قد أهنته، بل أبتلي هذا بالنعم، وأكرم هذا بالابتلاء (٢)، وفي الحديث: «وَإِنَّ الله ﷿ وَإِنَّ اللهَ ﷿ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ» (٣).


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (١٧٨٥٤)، والطبراني في الأوسط، رقم الحديث: (٩٢٧٢)، حكم الألباني: إسناده جيد، مشكاة المصابيح، رقم الحديث: (٤٧).
(٢) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم (ص: ٣٥).
(٣) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٣٧٢٧)، وأبو نعيم في الحلية، رقم الحديث: (٤/ ١٦٦)، حكم الألباني: ضعيف، ضعيف الجامع الصغير وزيادته، رقم الحديث: (١٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>