أن يكون في الشر الذي يقاومه العبد بقية من خير، يريد الله أن يجرد الشر منه؛ ليتمحض خالصًا، ويذهب وحده هالكًا، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار!
أن يكون الباطل المقاوم والمحارب لم ينكشف زيفه أمام الناس، فلو حصل النصر في ذلك الوقت لم يجد له أنصارًا من المخدوعين فيه الذين لم يقتنعوا بعد بفساده، وضرورة زواله، فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة، فيشاء الله أن يتأخر النصر والفرج؛ حتى ينكشف الباطل أمام الناس بوضوح.
لوجود مانع من الموانع- سيرد ذكرها لاحقًا-.
[الأثر السادس: الحذر من أسباب الخذلان]
الله سُبْحَانَهُ هو الغالب القاهر دومًا، لا يملك أحد أن يرد ما قضى، أو يمنع ما أمضى، فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه.
قال القرطبي ﵀:«فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الله هو الغالب على الإطلاق، فمن تمسك به فهو الغالب، ولو أن جميع من في الأرض طالب، قال تَعَالَى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: ٢١]، ومن أعرض عن اللهتَعَالَى وتمسك بغيره كان مغلوبًا، وفي حبائل الشيطان مقلوبًا، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٧٦]»(١).
(١) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، للقرطبي (ص: ٣٠٤).