للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وقد أجمع العارفون بالله أن التوفيق هو أن لا يكلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان هو أن يخلى بينك وبين نفسك، فالعبيد متقلبون بين توفيقه وخذلانه، بل العبد في الساعة الواحدة ينال نصيبه من هذا وهذا، فيطيعه ويرضيه ويذكره ويشكره بتوفيقه له، ثم يعصيه ويخالفه ويسخطه، ويغفل عنه بخذلانه له، فهو دائر بين توفيقه وخذلانه، فإن وفقه فبفضله ورحمته، وإن خذله فبعدله وحكمته، وهو المحمود على هذا وهذا، له أتم حمد وأكمله، ولم يمنع العبد شيئًا هو له، وإنما منعه ما هو مجرد فضله وعطائه، وهو أعلم حيث يضعه» (١).

ولذا فعلى العبد المؤمن أن يحذر أسباب الخذلان، والتي من أبرزها ما يلي:

الإعراض عن الله تعالى، وعن سنة رسول الله ، يقول ابن القيم : «فأعظم الناس خذلانًا: من تعلق بغير الله، فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات، ومثل المتعلق بغير الله كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت، وهو أوهن البيوت، وبالجملة فأساس الشرك وقاعدته التي بني عليها: التعلق بغير الله، ولصاحبه الذم والخذلان، كما قال تَعَالَى ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ [الإسراء: ٢٢] مذمومًا لا حامد لك، مخذولًا لا ناصر لك» (٢).

العُجْبُ: فالعجب طريق إلى خذلان المرء، بحيث يكل الله العبد إلى نفسه فلا ينصره، وقد قال تَعَالَى: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ


(١) مدارج السالكين، لابن القيم (١/ ٤١٣).
(٢) المرجع السابق (١/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>