للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المخلوق فكما قيل: احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره، ولقد صدق القائل:

بَيْنَ التَّذَلُّلِ والتَّدَلُّلِ نُقْطَةٌ … فِي رَفْعِهَا تَتَحَيَّرُ الأُفْهَامُ» (١)

فكيف لمن عرف هذا عن ربه، ألا يحبه، ويستغني به عن عموم خلقه!

[الأثر الثالث: إعانة الناس وقضاء حوائجهم]

فكما تكون لعباد الله يكون الله لك، وكما تحب أن يعاملك الله سُبْحَانَهُ فعامل الناس، فارحم الناس ليرحمك الله، واستر الناس ليسترك الله، وأعن الناس على حوائجهم يعنك الله، وفرج كرب إخوانك المسلمين يفرج الله عنك، فكما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخرة، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ الله فِي الدُّنْيَا وَالآخرة، وَالله فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (٢)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ الله فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ الله عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٣).


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١/ ٣٩).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٦٩٩).
(٣) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٢٤٤٢)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>