للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثالث: الاقتداء بحياء صفوة البشر]

فمن تأمل في سير الأنبياء والمرسلين، وجدهم أشد الناس حياء من الله؛ وفي ذلك يقول : «أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: التَّعَطُّرُ، وَالنِّكَاحُ، وَالسِّوَاكُ، وَالْحَيَاءُ» (١)، وذلك لكمال معرفتهم بالله وأسمائه وصفاته، ثم يليهم الصحابة وأتباعهم من المؤمنين، ومن شواهد ذلك ما يلي:

- حياء أبينا آدم وأمِّنا حواء:

فحينما أكل آدم وحواء من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، بدت لهما سوءاتهما، فأسرعا يأخذان من أوراق الجنة ليسترا عوراتهما، فتحدث القرآن الكريم عن ذلك بقوله: ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٢٢]، وهذا يدل على أن الإنسان مفطور على الحياء، وأما قلة الحياء فهي منافية للفطرة، بل من اتِّباع الشَّيطان.

- حياء موسى :

فكان حييًّا ستيرًا يغتسل بناحية من قومه، ففي حديث أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : «إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ، إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ: إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ: وَإِمَّا آفَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى … » الحديث (٢).


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٢٤٠٦٥)، والترمذي، رقم الحديث: (١٠٨٠)، حكم الألباني: ضعيف، ضعيف الجامع الصغير، رقم الحديث: (٧٦٠).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٣٤٠٤)، ومسلم، رقم الحديث: (٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>