والخوف من الله، منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم؛ فالخوف المحمود هو: ما حال بين صاحبه، وبين محارم الله ﷿، فليس الخائف الذي يبكي ويمسح عينيه، بل من يترك ما يخاف أن يُعاقَبَ عليه، ومنه: قَدْرٌ واجب ومستحب؛ فالواجب منه: ما حمل على أداء الفرائض، واجتناب المحارم، فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثًا للنفوس على التشمير في النوافل، والبعد عن المكروهات، وعدم التوسع في فضول المباحات، كان ذلك مستحبًّا، فإن زاد على ذلك، بحيث أدَّى إلى اليأس والقنوط والمرض، وأقعد عن السعي في اكتساب الفضائل كان ذلك هو الخوف المحُرَّم.
[الأثر الرابع: محبة الله المؤمن]
الله ﷿ هو المؤمن سُبْحَانَهُ «الذي يأمن الخائفون في كَنَفه، ويطمئن المؤمن بالإيمان به وعبادته وحده، فلا يخاف أحدٌ ظُلْمَهسُبْحَانَهُ، بل إن رحمته سبقت غضبه، ورحمته وسعت كل شيء، فيحصل مِن جرَّاء ذلك الأمنُ النفسيُّ، والسعادة القلبية، والتعلُّق بالله وحده، ومحبته وإجلاله، وكثرة ذِكره وشكره، واللجوء إليه وحده سُبْحَانَهُ في طلب الأمان، وذهاب الخوف والفزع في الدنيا والآخرة؛ لأنه لا يملك تثبيت القلوب، وفتح الرحمة والأمان عليها إلا الله تَعَالَى، قال ﷿: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [فاطر: ٢]».