للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطاعات واجتهدوا فيها، وخافوا أن تُرَدَّ عليهم، إن المؤمن جمع إحسانًا وخشيةً، والمنافق جمع إساءَةً وأمنًا» (١).

ورغَّب سُبْحَانَهُ في الخوف منه بما أعد لأهلها من الجزاء في الآخرة، قال تَعَالَى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٤٦]، وقال: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤٠ - ٤١].

فعلى المسلم أن يحرص على تحقيق هذه العبادة العظمية، وأن يجمع معها المحبة، والرجاء؛ فإن القلب- في سيره إلى الله ﷿ بمنزلة الطائر، «فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قُطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فقد أصبح عرضة لكل صائد وكاسر» (٢)، والاقتصار على واحد من هذه الأمور الثلاثة- دون الباقي- انحراف عن الجادة، وخلل في السلوك.

وأما تغليب أحدها على الآخر، فاستحبه السلف في بعض المواضع، فمثلًا: استحبوا أن يُغلَّبَ في حال الصحة جانبُ الخوفِ على جانب الرجاء؛ لأن العبد لا يزال في ميدان العمل، وهو بحاجة إلى ما يسوقه للعمل، وأما في حال الضعف والخروج من الدنيا؛ يغلب جانب الرجاء؛ ليموت محسنًا الظن بربه، ممتثلًا قوله : «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ ﷿» (٣).


(١) مدارج السالكين، لابن القيم (١/ ٥٠٧).
(٢) المرجع السابق (١/ ٥١٣).
(٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٨٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>