خلقه بحاجة إلى الاستعانة به، فلا قيام ولا حياة ولا وجود لهم إلا به، وبقدرته وقوته لا شريك له.
وعليه فمن استعان بالخلق وأعرض عن الخالق، فهو المغبون الهالك، فلا هو حفظ كرامته، ولا حصل غايته (١).
وهذا من أعظم الأدلة على أن الله وحده المستحق للعبادة، فإنه النافع الضار، المعطي المانع، يقول تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: ١٠٧]، فما يمس العباد من فقر ومرض ونحوه لا يرفعه إلا الله؛ لأن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوا بشيء، لم ينفعوا إلا بما كتبه الله، ولو اجتمعوا على أن يضروا أحدًا، لم يقدروا على شيء من ضرره، إذا لم يرده الله، ولهذا قال تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾، كما قال تَعَالَى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٢].
[الأثر الثاني: محبة الله المستعان]
الله تَعَالَى هو المستعان، الذي لا يَطلب العون، بل يُطلب منه العون، ويستعين به الخلق كلهم، فلا حول ولا قوة لأحد في السماوات ولا في الأرض إلا بإعانته سُبْحَانَهُ، فهو المتفضل على العباد بالإعانة والإمداد، كما تفضل عليهم بالخلق والإيجاد، لا يذل من أكثر طلبه، بل يعزه ويعظم قدره، يقول شيخ الإسلام ﵀: «والعبد كلما كان أذل لله، وأعظم افتقارًا إليه، وخضوعًا له كان أقرب إليه، وأعز له، وأعظم لقدره؛ فأسعد الخلق أعظمهم عبوديةً لله،