للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيحمله استكثارُ الثواب إذا كثرت الأعمال على كتمان بعضها، ولا يلحقه نقصٌ بما يثيب فيحبس بعضه؛ لأنه ليس منتفعًا بملكه حتى إذا نفع غيره به زال انتفاعُهُ عنه بنفسه، وكما لا ينقص المطيعَ من حسناته شيئًا، لا يزيد العصاةَ على ما اجترحوه من السيئات شيئًا، فيزيدهم عقابًا على ما استحَقُّوه؛ لأن واحدًا من الكذب والظلم غير جائز عليه، وقد سمَّى عقوبة أهل النار جزاءً، فما لم يقابل منها ذنبًا لم يكن جزاءً، ولم يكن وفاقًا» (١).

وهو المهمين المؤمن (٢) الذي صدق رسله بما أنزل من كتب وأظهر من معجزات، وصدق كتبه بالقرآن، وجعله مهيمنًا على سائرها، قال تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨].

فـ «جعل الله هذا الكتاب العظيم الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها، وأشملها وأعظمها وأحكمها، حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدًا وأمينًا وحاكمًا عليها كلها» (٣).

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (المهيمن) على التوحيد]

إذا تأمل العبد في قوله تَعَالَى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر: ٢٣]؛ وجد أن الله ﷿ وصف من يستحق


(١) الأسماء والصفات، للبيهقي (ص: ١٦٤).
(٢) للاستزادة يراجع اسم الله «المؤمن».
(٣) تفسير ابن كثير (٣/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>