للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترسم لهم الحدود التي يسيرون فيها، ولا يتجاوزونها في أعمالهم ومعاملاتهم وعقائدهم.

وهو المهيمن الحفيظ (١) الذي عم خلقه بحفظه، فبهيمنته حفظ السماء من أن تقع على الأرض، وبهيمنته حفظ الأرض من الاضطراب والميد بأهلها، وبهيمنته حفظ أهلها بما يسر من الأرزاق والأقوات لهم، وحفظهم من أصناف الشرور والمضار بما قيض من أسباب حفظهم.

وهو المهيمن الرقيب الشهيد (٢) الذي اطلع على جميع الأشياء، وأحاط بها علمًا، ظاهرًا وباطنًا، فبهيمنته رقب الخفيَّات والجليَّات، والماضيات والمستقبَلات، وبهيمنته رقب جميعَ الأصوات؛ سرها وجهرها، وبهيمنته رقب جميع الموجودات؛ دقيقها وجليلها، وصغيرها وكبيرها، لا يحجبه من خلقه ظاهر عن باطن، ولا كبير عن صغير، ولا قريب عن بعيد.

وبهيمنته شهد أعمال العباد فأحصاها، وعلم مقاديرها، ومقدار جزائها خيرها وشرها، ثم يشهد عليهم بما عملوه ويفصل بينهم يوم الدين (٣).

وهو المهيمن الأمين الذي لا يضيع عنده حق عباده، فلا ينقصهم شيئًا من حسناتهم، ولا يزيدهم شيئًا من السيئات، بل هم آمنون من ذلك.

قال الحليمي في اسم الله «المهيمن»: «لا ينقص المطيعين يومَ الحساب من طاعاتهم شيئًا، فلا يُثيبهم عليه؛ لأن الثواب لا يُعجزه ولا هو مستكْرَهٌ عليه، فيضطر إلى كتمان بعض الأعمال أو جحدها، وليس ببخيل


(١) للاستزادة، يراجع اسم الله الحافظ الحفيظ.
(٢) للاستزادة، يراجع اسم الله الرقيب والشهيد.
(٣) ينظر: فتح الرحيم الملك العلام، للسعدي (ص: ٣٥ - ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>