للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ- أو لَمَسَّتْكَ النَّارُ» (١).

وعلى العبد المؤمن أن يستشعر أن أعظم النصر هو نصر يوم القيامة، يوم يجتمع الخصوم بين يديه، فيُقتص للمظلوم من الظالم، فيحذر ويبذل أسباب نصره في ذلك اليوم، يقول : «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» (٢).

الأثر الخامس: اليقين بأن تأخر نصر الله تَعَالَى لا يعني: انعدامه:

نصر الله سنة ماضية، ووعد منجز، آت لا محالة، يقول تَعَالَى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: ٢١]، فالمؤمن الصادق لايقنط من نصر الله ولا ييأس، والله سُبْحَانَهُ يقول: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤].

وعلى هذا المنهج ربى رسول الله أصحابه، ففي حديث خباب بن الأرت ، قال: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللهَ لَنَا قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَالله لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ،


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٦٥٩).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٢٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>