يقول ابن القيم ﵀:«فإن سر العبودية، وغايتها وحكمتها إنما يطلع عليها من عرف صفات الرب ﷿، ولم يعطلها، وعرف معنى الإلهية وحقيقتها … ، فمن أنكر حقيقة الإلهية ولم يعرفها، كيف يستقيم له معرفة حكمة العبادات؟ وغاياتها ومقاصدها، وما شرعت لأجله؟ كيف يستقيم له العلم بأنها هي الغاية المقصودة بالخلق، والتي لها خلقوا، ولها أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، ولأجلها خلقت الجنة والنار؟ … ، إن العبادة هي الغاية التي خلق لها الجن والإنس والخلائق كلها، قال الله تَعَالَى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦] أي: مهملًا، قال الشافعي: لا يؤمر ولا ينهى، وقال غيره: لا يثاب ولا يعاقب، والصحيح: الأمران، فإن الثواب والعقاب مترتبان على الأمر والنهي، والأمر والنهي طلب العبادة وإرادتها، وحقيقة العبادة امتثالهما، وقال تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: ١٩١]»(١).