للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ضل في هذا الباب- الغاية من خلق الخلق- أكثر الخلق؛ فعرفوا أن الذي خلقهم هو الله وحده لا شريك له، وأنه وحده سُبْحَانَهُ تفرد بخلقهم، وخلق السماء، والأرض، والجبال، والأشجار، وغيرها من المخلوقات، ومع هذا الإقرار، صرفوا العبادة لغير الله، وهذا هو معنى قول الله تَعَالَى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: ١٠٦].

قال ابن عباس : «من إيمانهم إذا قيل لهم: من خلق السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله، وهم مشركون» (١).

وقال عكرمة : «تسألهم من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، فذاك إيمانهم بالله وهم يعبدون غيره» (٢).

وقال الله تَعَالَى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام: ١] أي: «يجعلون له شريكًا في عبادتهم إياه، فيعبدون معه الآلهة والأنداد والأصنام والأوثان، وليس منها شيء شركه في خلق شيء من ذلك، ولا في إنعامه عليهم بما أنعم به عليهم، بل هو المنفرد بذلك كله، وهم يشركون في عبادتهم إياه غيره، فسبحان الله ما أبلغها من حجة، وأوجزها من عظة، لمن فكر فيها بعقل، وتدبرها بفهم!» (٣).


(١) تفسير الطبري (١٦/ ٢٨٦).
(٢) المرجع السابق (١٦/ ٢٨٦).
(٣) المرجع السابق (١١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>