للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولاء لغير صاحب السلطان الرزاق؟

فالله هو الولي وحده، ربًّا، ومعبودًا، وناصرًا، يستنصر به ويعتمد عليه، ويتوجه إليه في الملمات، فيجب إخلاص الولاية له سُبْحَانَهُ، كما قال تَعَالَى بعد أن أنكر أن يُتَّخَذَ وليٌّ غيره: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ١٤].

وتجدر الإشارة إلى أن الله ﷿ كثيرًا ما يحتج على المشركين بما اعترفوا به من توحيد الربوبية على ما أنكروه من توحيد الألوهية؛ وذلك لأن توحيد الربوبية فطرت على قبوله والاعتراف به قلوب بني آدم، فلم ينكره إلا شُذَّاذ قليلون، من بني آدم، ففرعون القائل: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، والقائل: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨] معترف في حقيقة الأمر بوجود خالق لهذا العالم، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٤]، وقال موسى لفرعون: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ﴾ [الإسراء: ١٠٢] (١).

والمشركون أنفسهم الذين بُعث فيهم رسول الله معترفون بالله تَعَالَى، قال تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾، [يونس: ٣١]، فمن عرف أن الله هو الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور؛ أنتج له ذلك أنه هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له (٢).


(١) ينظر: التوحيد وبيان العقيدة السلفية النقية، لعبد الله بن حميد (ص ١٧ - ٢٠).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>