للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسليم الفطر من الشرك بما أرسل من الرسل، وأنزل من الكتب داعين للإسلام، الذي هو الاستسلام والانقياد لله والتخلص الشرك وشوائبه، إلا أنه سعد مَن سعد بالإيمان، وشقي مَن شقي بالتكذيب والكفران، وتسليم الآخرة من الظلم ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩].

التسليم الخاص: وهو التسليم الذي خص الله به أوليائه وأهل طاعته؛ إذ سلموا اعتقادهم من الباطل، وسلموا جوارحهم من الذنوب والمعاصي، فكان جزاؤهم من جنس عملهم (١)، قال تَعَالَى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ [طه: ٤٧]، أي: سلامة لهم في دنياهم، وسلامة لهم في دينهم، وسلامة لهم في آخرتهم (٢)، كما حصل ليحيى إذ سلمه الله بقوله تَعَالَى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: ١٥].

قال سفيان بن عيينة : «أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد، فيرى نفسه خارجًا مما كان فيه، ويوم يموت فيرى قومًا لم يكن عاينهم، ويوم يبعث، فيرى نفسه في محشر عظيم، قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا فخصه بالسلام عليه، قال تَعَالَى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: ١٥]» (٣)، وكذا عيسى إذ قال: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: ٣٣]» (٤).


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٧٠٩).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٠٦).
(٣) تفسير ابن كثير (٥/ ٢١٧).
(٤) وفي الأثر الثالث بسط لمظاهر هذا التسليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>