للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إذا ثبت ما سبق لربنا السلام؛ علم أنه سُبْحَانَهُ سلم بذلك من أن يكون له شبيه أو مثيل، أو كفو أو سمي، لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله (١)، وأنى ذلك ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] (٢)، وسلم بهذا من الصاحبة، والولد، والشريك، والند تَعَالَى عن ذلك علوًّا كبيرًا، قال تَعَالَى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر: ٢٣].

ويمكن تقسيم مظاهر تسليم السلام لخلقه إلى قسمين، وهما:

التسليم العام: وهو الذي يعم المسلم والكافر، والبر والفاجر، ومنه:

تسليم الأجنة من السقوط، وتسليم الأبدان من العلل والأمراض، وتسليم الأعضاء من العاهات والتشوهات، وتسليم الأجساد من الحرق والغرق والهدم والحوادث ونحو ذلك، وتسليمها من الجوع والعطش، وتسليم النفوس من السحر والحسد والعين، وتسليمها من كل شر مخلوق فيه شر من شياطين الإنس والجن، وشر السباع والهوام، ونحوهم (٣).

وتسليم البلدان من الحروب والنكبات والزلازل والبراكين ونحو ذلك، وتسليم قلوب أهلها من الخوف والفزع، وتسليم اقتصادها وأموال أهلها من الخسارات والفاقات، وتسليم حياتها الاجتماعية من الظلم والتعدي، وتسليم نفوس أهلها وأموالهم بما شرع لهم من الأحكام والحدود.


(١) ينظر: بدائع الفوائد (٢/ ١٣٧).
(٢) ينظر: الحق الواضح المبين (ص: ٨١).
(٣) ينظر: التفسير القيم، لابن القيم (ص: ٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>