للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ الله، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ» (١).

فالله غني بذاته عن كل ما سواه، ومن علامات ذلك الغنى:

غناه سُبْحَانَهُ عن الطعام والشراب، وهي دلالة الاستغناء الذاتي، يقول تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات: ٥٦ - ٥٨].

غناه سُبْحَانَهُ عن الزوجة والولد، وهذا يعني وحدانية الله المطلقة؛ ليس كما يسبه الكفار أصحاب عقيدة التثليث؛ فإن الحاجة إلى الزوجة والولد ضعف وافتقار، تَعَالَى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، يقول تَعَالَى: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [يونس: ٦٨].

غناه سُبْحَانَهُ عن خلقه، ومع ذلك فهو محسن إليهم، رحيم بهم، وهذا من كمال غناه وكرمه ورحمته، فهو الغني عن عباداتهم، ومن ذلك:

أ- غناه عن إيمانهم، قال تَعَالَى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٨].

ب- غناه عن شكرهم، قال تَعَالَى: ﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٤٠].

جـ- غناه عن جهادهم، قال تَعَالَى: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [العنكبوت: ٦].


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>