للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، حيث وفقه الله لها، وأعانه عليها ويسرها له، والفرح أعلى أنواع نعيم القلب، ولذته وبهجته، … والفرح بالشيء فوق الرضا به، فإن الرضا طمأنينة وسكون وانشراح، والفرح لذة وبهجة وسرور، فكل فَرِح راض، وليس كل راضٍ فَرِحًا، ولهذا كان الفرح ضد الحزن، والرضا ضد السخط، والحزن يؤلم صاحبه، والسخط لا يؤلمه، إلا إن كان مع العجز عن الانتقام، والله أعلم» (١).

«وقد جاء الفرح في القرآن على نوعين: مطلق ومقيد، فالمطلق: جاء في الذم، كقوله تَعَالَى: ﴿لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص: ٧٦]، وقوله: ﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ [هود: ١٠].

والمقيد: نوعان أيضًا:

مقيد بالدنيا: يُنسي صاحبه فضل الله ومنته، فهو مذموم، كقوله: ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤].

والثاني: مقيد بفضل الله وبرحمته، وهو نوعان أيضًا:

فضل ورحمة بالسبب، وفضل بالمسبب، فالأول: كقوله: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: ٥٨] والثاني: كقوله: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [آل عمران: ١٧٠]، فالفرح بالله، وبرسوله، وبالإيمان، وبالسنة، وبالعلم، وبالقرآن: من أعلى مقامات العارفين، قال الله تَعَالَى:

﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٤]، وقال: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [الرعد: ٣٦]، فالفرح بالعلم والإيمان والسنة:


(١) مدارج السالكين (٣/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>