للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظهر؛ لما رواه البخاري في كتاب (أفعال العباد)، عن علي بن المديني، عن مروان بن معاوية، عن أبي مالك، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة مرفوعًا قال: (إِنَّ اللهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ) (١)» (٢).

فمن آمن بهذه المراتب الأربع آمن بالقدر الذي من ثمراته: الرضى والتسليم لتقدير الله ﷿ خيره وشره، وحلوه ومره لا سيما إذا اقترن مع هذا الإيمان استشعار لعلم الله التام، وحكمته البالغة، ورحمته العظيمة التي صدر عنها هذا التقدير، واستشعار أن الجزع والسخط لا يرد من القدر شيئًا، وإنما يفوت على العبد الأجر والمثوبة، ويعود عليه بالوبال والخسارة.

قال ابن القيم : «من ملأ قلبه من الرضا بالقدر: ملأ الله صدره غنى وأمنًا وقناعة، وفرغ قلبه لمحبته، والإنابة إليه، والتوكل عليه، ومن فاته حظه من الرضا: امتلأ قلبه بضد ذلك، واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه» (٣).

ومن ثمراته- أيضًا- سلامة القلب من الحقد والحسد ونحوهما من أمرض القلوب؛ ذلك لإيمان صاحبه بأن الكل بتقدير الله ﷿، وأنه سُبْحَانَهُ هو الذي أعطى ومنع، فالفضل فضله، والعطاء عطاؤه، وله في ذلك الحكمة البالغة، والمنة العظيمة (٤).


(١) أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص ٤٦)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٥٧٠)، وابن أبي عاصم في السنة (٣٥٧)، حكم الألباني: صحيح، السلسلة الصحيحة، رقم الحديث: (١٦٣٧).
(٢) تفسير ابن كثير (٧/ ٢٦).
(٣) مدارج السالكين، لابن القيم (٢/ ٢٠٢).
(٤) ينظر: فقه الأسماء الحسنى، للبدر (ص: ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>