للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال، لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء هو كما قيل ليس بشيء، فضلًا عن أن يكون مدحًا أو كمالًا، ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال.

فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنًا لإثبات مدح، كقوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥] إلى قوله: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ [البقرة: ٢٥٥] فَنَفْيُ السِّنةِ والنومِ يتضمن كمال الحياة والقيام، فهو مبيِّن لكمال أنه الحي القيوم … » (١).

ومن هنا يُعلم أن ما يفعله المعطلة من أهل البدع من النفي المحض، والتعطيل للصفات عن معانيها وحقائقها بحجة التسبيح والتقديس، إنما هو في الحقيقة جحود وإنكار، وضلال وبهتان، نزه الله نفسه عنه بقوله: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨١] فسبَّح نفسه عما وصفه المخالفون للرسل، وسلَّم على المرسلين لسلامة ما قالوه في حقه سُبْحَانَهُ (٢).

ولا بد أن يعلم أن التنزيه عن النقائص، وإثبات الكمال إنما يكون على وفق دلائل الكتاب والسنة، وفي ضوء فهم سلف الأمة، لا على الأهواء


(١) التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع، لابن تيمية (ص: ٥٧).
(٢) ينظر: التدمرية تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع، لابن تيمية، (ص: ٩)، وفقه الاسماء الحسنى، للبدر، (ص: ٢٢٣ - ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>