للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفراده، وكل نعمه منه تطلب من العباد أن تمتلئ قلوبهم من مودته وحمده وشكره والثناء عليه.

قربه من أوليائه، وتسديده لهم: فمن كان الله وليه حفظه في حركاته وسكناته، وجعله مجابًا للدعوة وجيهًا عنده، كما في الحديث القدسي: «لَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي المُؤْمِن، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» (١).

حلمه على العصاة وقربه من التائبين من عباده، فعرفهم بسعة رحمته، وعظيم مغفرته، ودعاهم إلى الفيئة والرجوع إليه، ووعدهم على ذلك أن يقبل توبتهم، ويبدل سيئاتهم حسنات، قال سُبْحَانَهُ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣] وقال تَعَالَى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠] (٢)، فهو الذي يفرح بتوبة عباده مع غناه عنهم وعن عبادتهم، وإن أصر العبد على العصيان، وتجرأ على المحرمات، وقصر في الواجبات ستره الودود، وحلم عليه، وأمده بالنعم، ولم يقطع عنه منها شيئًا، ثم يقيض له من الأسباب والتذكيرات والمواعظ والإرشادات ما يجلبه إليه، فيتوب إليه وينيب، فيغفر له تلك الجرائم، ويمحو عنه ما أسلفه من الذنوب العظائم، ويعيد عليه وده وحبه.


(١) أخرجه البخاري (٦٥٠٢).
(٢) أسماء الله الحسنى (ص: ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>