للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - التفرغ للعبادة:

يقول تَعَالَى في الحديث القدسي: «ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي، أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى» (١)، والمراد من التفرغ للعبادة: «إيثارها على حظوظ الدنيا والإتيان بما أمر به منها، فلا تلهيه عن ذكر الله، لا أنه لا يفعل إلا العبادة» (٢).

ومن هنا يفهم أن الشرع ينهى عن انقطاع العبد عن طلب أسباب رزقه بحجة الاعتكاف في مصلاه، وإنما المراد: ألا يلهيه طلب الرزق عن عبادة الله، بل إن من اعظم أسباب الرزق والغنى الإقبال على عبادة الله، يقول السعدي في تفسير قوله تَعَالَى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ [النور: ٣٧]: «وهذا يشمل كل تكسب يقصد به العوض، فيكون قوله: ﴿وَلَا بَيْعٌ﴾ من باب عطف الخاص على العام؛ لكثرة الاشتغال بالبيع على غيره، فهؤلاء الرجال، وإن اتجروا، وباعوا، واشتروا، فإن ذلك، لا محذور فيه، لكنه لا تلهيهم تلك، بأن يقدموها ويؤثروها على ﴿ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ﴾، بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم، ونهاية مقصدهم، فما حال بينهم وبينها رفضوه» (٣).

٢ - تقوى الله ﷿:

يقول تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٢ - ٣]، وقال الله تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٨٨١٧)، والترمذي، رقم الحديث: (٢٤٦٦)، وابن ماجه، رقم الحديث: (٤١٠٧)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (٢٤٦٦).
(٢) التنوير شرح الجامع الصغير، الكحلاني (٣/ ٤١٠).
(٣) تفسير السعدي (ص: ٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>