وكيف لا يحمد سُبْحَانَهُ على كمال خلقه، وهو: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة: ٧]، وعلى صنعه وقد أتقنه ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٨٨].
حمده على نور التوحيد، وجعله وسيلة النجاة لسائر العبيد:
فمن محامد الرب سُبْحَانَهُ: أن هدى عباده المتقين إلى سبيل دار السلام، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وجعلهم من الراشدين، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيدهم بروح منه، وسماهم المسلمين قبل أن يخلقهم، وذكرهم قبل أن يذكروه، وأعطاهم قبل أن يسألوه، وتحبب إليهم بنعمه مع غناه عنهم، وفقرهم إليه، ومع هذا كله فقد جعل لهم دارًا وأعد لهم فيها من كل ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وملأها من جميع الخيرات، وأودعها من النعيم والسرور والبهجة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ثم يسر لهم الأسباب التي توصلهم إليها وأعانهم عليها.
وضمن لهم إن أحسنوا أن يثيبهم بالحسنة عشرًا، وإن أساءوا واستغفروه أن يغفر لهم، ووعدهم أن يمحو ما جنوه من السيئات بما يفعلونه بعدها من الحسنات، وذكرهم بآلائه، وتعرف إليهم بأسمائه، وأمرهم بما أمرهم به رحمة منه بهم وإحسانًا، لا حاجة منه إليهم، ونهاهم عما نهاهم عنه حماية وصيانة لهم، لا بخلًا منه عليهم، وأمرهم بأشرف الخصال، ونهاهم عن أقبح الأقوال والأعمال.