للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنقص؛ لأنها لو زادت نقصت لذتها، ولو نقصت لم تف بريهم، وقدر عذاب أهل النار فلا يزاد فيه ولا ينقص عما شاء (١).

وأما كمال التقدير:

فتقدير الله ﷿ كامل لا نقص فيه ولا خلل؛ وذلك أنه قائم على العلم والكتابة السابقتين، والمشيئة التي لا تنفك عن حكمه، والخلق العام.

فالله سُبْحَانَهُ قدر الأشياء؛ بناء على ما علم من حالها، وما يصلح لها؛ فعلم سُبْحَانَهُ من يصلح للفقر ولا يصلح للغنى، ومن يصلح للمرض ولا يصلح للعافية، ومن يصلح للعقم ولا يصلح للولد، وعلم ضد ذلك فقدر فلم يخرج تقديره عن حكمه، قال تَعَالَى: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: ٢٧] أي: «لغفلوا عن طاعة الله، وأقبلوا على التمتع بشهوات الدنيا، فأوجبت لهم الإكباب على ما تشتهيه نفوسهم، ولو كان معصية وظلمًا، قال تَعَالَى: ﴿وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ﴾ بحسب ما اقتضاه لطفه وحكمته، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: ٢٧]، كما في بعض الآثار أن الله تَعَالَى يقول: «إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أمرضته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا المرض ولو عافيته لأفسده ذلك، إني أدبر أمر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني خبير بصير» (٢).


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٩٠٢).
(٢) تفسير السعدي (ص: ٧٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>