للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: ٢٧] (١).

وقدر إنزال المطر، فينزله بقدر ما يكفي الخلائق، فلا ينقص بحيث لا يكفي الأرض والأشجار فلا يحصل به المقصود، ولا يزيد زيادة لا تحتمل، فتتلف المساكن، وتموت معه النباتات والأشجار، بل أغاث به العباد، وأنقذ به البلاد من الشدة، قال تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [المؤمنون: ١٨]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [الزخرف: ١١] (٢)، وقدر الزروع والحبوب وغيرهما مما يخرج من الأرض كالمعادن والجواهر ونحو ذلك، قال تَعَالَى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ [فصلت: ١٠] (٣).

وتقدير الموت بين الخلائق فعجله لبعض الخلق، وأخره عن بعض إلى أجل مسمى، فإذا جاء لم يتقدم ولم يتأخر عما قدر الله، قال سُبْحَانَهُ: ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ [الواقعة: ٦٠] (٤).

وتقدير الهداية والضلالة على الخلائق، فهدى من شاء، وأضل من شاء، وأسعد من شاء، وأشقى من شاء، وقدر من شاء للجنة برحمته، وقدر من شاء للنار بعدله، وقدر نعيم أهل الجنة حتى قدر شراب أهلها، قال تَعَالَى: ﴿قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ [الإنسان: ١٦]، فقدرت على قدر ريِّ أهلها فلا تزيد ولا


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٤٣٠).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٤٩ - ٧٦٣).
(٣) ينظر: تفسير الطبري (٢١/ ٤٣٧).
(٤) ينظر: تفسير الطبري (٢٣/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>