قال ابن القيم ﵀:«ولما كان العبد يحتاج في فعل ما ينفعه في معاشه ومعاده إلى علم ما فيه من المصلحة، وقدره عليه وتيسره له، وليس له من نفسه شيء من ذلك، بل علمه ممن علم الإنسان ما لم يعلم وقدرته منه، فإن لم يقدره عليه وإلا فهو عاجز، وتيسيره منه، فإن لم ييسره عليه وإلا فهو متعسر عليه بعد أقداره؛ أرشده النبي ﷺ إلى محض العبودية، وهو جلب الخيرة من العالم بعواقب الأمور وتفاصيلها وخيرها وشرها، وطلب القدرة منه؛ فإنه إن لم يقدره وإلا فهو عاجز، وطلب فضله منه، فإن لم ييسره له ويهيئه له وإلا فهو متعذر عليه.
ثم إذا اختاره له بعلمه وأعانه عليه بقدرته ويسره له من فضله؛ فهو يحتاج إلى أن يبقيه عليه ويديمه بالبركة التي يضعها فيه، والبركة تتضمن ثبوته ونموه، وهذا قدر زائد على إقداره عليه وتيسيره له، ثم إذا فعل ذلك كله فهو محتاج إلى أن يرضيه به، فإنه قد يهيء له ما يكرهه؛ فيظل ساخطًا، ويكون قد فضّله الله به.
قال عبد الله بن عمران ﵀: الرجل ليستخير الله، فيختار له، فيسخط على ربه، فلا يلبث أن ينظر في العاقبة، فإذا هو قد خار له …
قال الحسن ﵀: لا تكرهوا النقمات الواقعة، والبلايا الحادثة، فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك» (١).
كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢١٦] ولكن كثير من