للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليسهل انتشاقه للتنفس، وتوجه لهيب النار إلى فوق؛ لأنها لو كانت مثل الماء تلتهب يمينًا وشمالًا لكثرت الحرائق، فأما الهواء فلا يقبل الاحتراق» (١)، ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤].

وأحسنَ المحسنُ خلقَ الإنسان، فخلقه في أحسن تقويم، حتى صار في أكمل الصور، وأبهى المناظر، وأحسن الأشكال، وأجمل الهيئات، قال تَعَالَى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [التغابن: ٣]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٤].

قال الشيخ السعدي : «وإذا أردت أن تعرف حُسن الآدمي وكمال حكمة الله تَعَالَى فيه، فانظر إليه، عضوًا عضوًا، هل تجد عضوًا من أعضائه، يليق به، ويصلح أن يكون في غير محله؟ وانظر- أيضًا- إلى الميل الذي في القلوب، بعضهم لبعض، هل تجد ذلك في غير الآدمين؟ وانظر إلى ما خصه الله به من العقل والإيمان، والمحبة والمعرفة، التي هي أحسن الأخلاق المناسبة لأجمل الصور» (٢).

ثم أحسنَ المحسنُ إلى خلقه بعموم نعمه التي لا تبلغ الأوهام تصورها، ولا تطمع العقول في إحصائها وعدها (٣)، قال تَعَالَى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: ٢٠]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا


(١) التحرير والتنوير (٢١/ ٢١٥).
(٢) تفسير السعدي (ص: ٧٤١).
(٣) ينظر: طريق الهجرتين، لابن القيم (ص: ٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>