للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلم على قوم نوح وما هم فيه من الشرك والكفر به ألف سنة إلا خمسين عامًا، فلم يزدهم حلمه وإمهاله لهم إلا عنادًا وطغيانًا، وقدحًا في نبيهم، فقالوا: مجنون، وزجروه وعنفوه أن دعاهم إلى الله، فلم يكفهم الكفر والتكذيب حتى أوصلوا إليه من أذيتهم ما قدروا عليه، فانتقم الحليم منهم، فقال: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ [القمر: ١١ - ١٦] (١).

حلم على عاد وثمود على ما هم فيه من الشرك والكفر والطغيان، فأعطاهم من القوة وعظم الأجسام ما أعطاهم، والقدرة على البناء الشيء العجيب، وأرسل إليهم الرسل وأيدهم بالآيات والبراهين، فلما لم تنفع فيهم الآيات والعبر، ولم تُجْدِ شيئًا؛ انتقم الحليم منهم، فقال سُبْحَانَهُ: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٤ - ٨].

حلم على فرعون وقومه مع شدة بطشهم وطغيانهم، فأرسل إليهم موسى الكليم، وأيده بالآيات الباهرات، والمعجزات القاهرات وأشهدهم من العبر ما لم يشهد عليه أحدًا غيرهم، فلما كذبوا بآيات الله كلها، وبيتوا القضاء على موسى ومن معه؛ فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، قال تَعَالَى: ﴿فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا﴾ [الإسراء: ١٠٣] (٢).


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص ٨٢٥).
(٢) ينظر: المرجع السابق (ص ٨٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>