للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر: ٢٠]، وقال الله حاكيًا استنكار إبراهيم على أبيه: ﴿يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ [مريم: ٤٢] (١).

قال الشيخ السعدي : «فهذا برهان جلي دال على أن عبادة الناقص في ذاته وأفعاله مستقبح عقلًا وشرعًا، ودل بتنبيهه وإشارته، أن الذي يجب ويحسن: عبادة من له الكمال، الذي لا ينال العباد نعمة إلا منه، ولا يدفع عنهم نقمة إلا هو، وهو الله تَعَالَى» (٢).

وقال في موضع آخر: «فالكامل تَعَالَى الذي هذه أوصافه هو الذي يستحق أن يفرد بجميع أنواع العبادة، ويخلص له الدين» (٣).

ثم إن الإيمان باسم الله «السميع» يدعو العبد- أيضًا- إلى توحيد الأسماء والصفات، فهو يعني: أن تثبت لله سمعًا من غير تعطيل ولا تحريف، ثم تضم لهذا الإثبات قوله تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، فتثبته على وجه لا تمثيل فيه ولا تكييف؛ خلافًا للمعطلة والنفاة، سواء من نفى هذا الاسم لفظًا ومعنًى كالجهمية ومن تبعهم في هذا، أو من أثبت اللفظ ولم يثبت المعنى كالمعتزلة ومن تبعهم من المفوضة وأشباههم، وخلافًا للمشبهة والمجسمة، قال تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «ففي قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾


(١) ينظر: المرجع السابق (ص: ٤٩٤).
(٢) المرجع السابق (ص: ٤٩٤).
(٣) تفسير السعدي (ص: ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>