للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تَعَالَى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩].

وهو الحفيظ الحافظ للمخلوقات من سماء وأرض وما فيهما، حفظ بحفظه العام، وحفظ بحفظه الخاص، فأما حفظه العام:

حفظه لجميع المخلوقات، فحفظ السماء بإقامتها بلا عَمَدٍ، وحفظها من الزوال والدثور، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٤١]، وحفظها من أن تقع على الأرض: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [الحج: ٦٥]، كل ذلك من غير أن يثقله ويعجزه ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ [البقرة: ٢٥٥] (١).

وجعلها سقفًا محفوظًا ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: ٣٢] من أن تنال الشياطين أسرارها، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ﴾ [الحجر: ١٦ - ١٨]، وحفظها من أن ينالها أحد بهدم أو نقض أو يصل لها بحيلة (٢).

وحفظ الأرض أن تميد أو تضطرب بما جعل عليها من الجبال الرواسي ﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [الأنبياء: ٣١].


(١) ينظر: النهج الأسمى، للنجدي (١/ ٣٤٤).
(٢) ينظر: تفسير الطبري (١٤/ ١١)، وتفسير القرطبي (١١/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>