وحفظ ما فيها مما يدب على ظهرها بتيسيره ما يقيتها ويحفظ بنيتها، وتسيرها إلى هدايتها، وإلى مصالحها، وهدايته العامة لها التي قال عنها: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: ٥٠]، هدى كل مخلوق إلى ما قَدَّرَ له وقَضَى له من ضروراته وحاجاته، كالهداية للمأكل، والمشرب، والمنكح، والسعي في أسباب ذلك، فلو تأملنا النملة كيف تخزن طعامها وتحفظه من الفساد وكيف تقسم الحبة إلى فلقتين كي تحميها من أن تنبت؛ لعلمنا عظمة من خلقها وحفظها بهدايته لها إلى ذلك.
ولو تأملنا خلية نحل ورأينا سكانها من ملكة وجنود وخادمات، وكيف يقمن بخدمة البيض ويرعينه؛ حتى لا يتعرض للخطر، فيقمن بتهوية مكانه، وتهيئة أسباب السلامة فيه حتى يفقس، فسبحان من حفظها.
ومن حفظه العام: أن يدفع عن خلقه أصناف المكاره، والمضار، قال تَعَالَى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١]، قال ابن كثير ﵀: «للعبد ملائكة يتعاقبون عليه، حرس بالليل وحرس بالنهار، يحفظونه من الأسواء والحادثات، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فاثنان عن اليمين وعن الشمال يكتبان الأعمال، صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه، واحد من ورائه وآخر من قدامه، فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل، حافظان وكاتبان، كما جاء في الصحيح: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ