للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما حدث- أيضًا- مع رسول الله ، فقد وعده الله بالكفاية من شرور أعدائه، مذكرًا إياه بأنه السميع لجميع أصواتهم في أي مكان، وعلى أية حال كانوا، العليم بما بين أيديهم وما خلفهم، قال سُبْحَانَهُ: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٣٧]، «وقد أنجز الله لرسوله وعده، وسلطه عليهم حتى قتل بعضهم، وسبى بعضهم، وأجلى بعضهم، وشردهم كل مشرد» (١).

وقال تَعَالَى له أيضًا: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يونس: ٦٥] يسمع قولك، وقول أعدائك فيك، ويعلم ذلك تفصيلًا، وهذا يعني أمرين:

كفايتك وحفظك وتوليك ونصرك، وكذا أمتك من بعدك.

مجازاة أعدائك على قولهم ومكرهم وكيدهم، في الدنيا أو الآخرة، أو فيهما معًا، وكذا أعداء أمتك من بعدك (٢).

وفي هذا تهديد وتخويف لأعداء دينه وأوليائه.

وهو كقوله تَعَالَى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: ١] يسمع ما يقول المشركون من أهل مكة في مسرى رسول الله من مكة إلى بيت المقدس، لا يخفى عليه شيء، ولا يعزب عنه،


(١) تفسير السعدي (ص: ٦٨).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>