إليه والنظر إلى وجهه الكريم فهي رتبة نازلة عند من همتهم. قوله تَعَالَى: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام: ٥٢].
فمثل هذا العلم يورث العبد معرفة حقيقة الدنيا، فيقصر أمله فيها؛ لعلمه أنها منقطعة، والكل عنها راحلون، وعن وراثتها زائلون، فعليه أن يجتهد للآخرة، فلا يفرح فيها بموجود، ولا يأسف منها بمفقود، فنعيم الدنيا بحذافيره في جنب نعيم الآخرة أقل من ذرة في جنب جبال الدنيا، كما قال سُبْحَانَهُ:
يخبر تَعَالَى عن حقيقة الدنيا وما هي عليه، ويبين غايتها وغاية أهلها، بأنها لعب ولهو، تلعب بها الأبدان، وتلهو بها القلوب، وهذا مصداقه ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا، فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات أعمارهم بلهو القلوب، والغفلة عن ذكر الله وعما أمامهم من الوعد والوعيد، وتراهم قد اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا، بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة، فإن قلوبهم معمورة بذكر الله، ومعرفته ومحبته، وقد أشغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله، من النفع القاصر والمتعدي.
قال ابن القيم ﵀: «الغايات والنهايات كلها إليه تنتهي: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ [النجم: ٤٢]؛ فانتهت إليه الغايات والنهايات؛ وليس له سُبْحَانَهُ