قال شيخ الإسلام ﵀:«إن العبد مجبول على أن يقصد شيئًا ويريده، ويستعين بشيء ويعتمد عليه في تحصيل مراده»، … إلى أن قال:«والناظر في أحوال الخلق يجد أن النفس لا بد لها من شيء تثق به وتعتمد عليه في نيل مطلوبها، وهو مستعانها، سواء أكان ذلك هو الله أم غيره، وإذا كان المستعان غير الله فقد يكون عامًّا، وهو الكفر، كمن عبد غير الله مطلقًا أو سأل غير الله مطلقًا، وقد يكون خاصًّا في المسلمين ممن غلب عليهم حب المال أو حب شخص أو حب الرياسة أو غير ذلك، بحيث يعتمد عليها ويستعين بها، وما أكثر ما تستلزم العبادة الاستعانة! وصلاح العبد في عبادة الله واستعانته به، ومضرته وهلاكه وفساده في عبادة غير الله والاستعانة بما سواه، وتوحيد الله وإخلاص الدين له في عبادته واستعانته في القرآن كثير جدًّا؛ بل هو قلب الإيمان، وأول الإسلام وآخره، وهذا هو دين الإسلام العام الذي بعث به جميع الرسل، فلا يصرف لغير الله شيء من أنواع العبادة والاستعانة؛ إذ إن أنواع العبادة متعلقة كلها بألوهيته، والاستعانة متعلقة بربوبيته، والله رب العالمين لا إله إلا هو، ولا رب لنا غيره، لا ملك ولا نبي ولا غيره»(١).
ولو تأمل العبد حاجته إليها لعرف أنها ليست فقط في دنياه، بل حتى عند الموت، وبعده من أهوال البرزخ، ويوم القيامة، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلا الله ﷿، ولذا فالمؤمن لايقدم خطوة في طريق العبودية إلا إن سبقها بخطوة في طريق الاستعانة بالله.
يقول ابن القيم ﵀: «والعبودية محفوفة بإعانتين: إعانة قبلها على