للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - ثبوت صفات الملك له:

الملك يستلزم عدة صفات، منها: الحياة، والقوة، والقدرة، والغنى، والعزة، والحكم النافذ، والتصرف التام، والقيام بشؤون المملكة وحفظها.

ولله -جل جلاله- من هذه الصفات أتمها وأكملها، فحياته حياة لا عدم معها، وقوته وقدرته لا ضعف ولا عجز معها، قال تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الملك: ١]، وقال: سُبْحَانَهُ {لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التغابن: ١]، وغناه لا فقر ولا حاجة معه، وعزته لا غالب لها، وحكمه عام نافذ في الدنيا والآخرة، تَعَالَى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الجمعة: ١]، وقيامه وحفظه لا غفلة معه ولا نسيان، قال تَعَالَى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: ٢٥٥].

ومع هذا كله سلم وتقدس من آفات الملوك وملكهم، قال تَعَالَى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: ٢٣].

فملكه عام للخلائق، كما قال سُبْحَانَهُ: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [الزخرف: ٨٥]، وعام للدنيا والآخرة، بل هو في الآخرة أظهر منه في الدنيا، قال تَعَالَى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤]، وقال سُبْحَانَهُ: {وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: ٧٣]، وذلك لأن في الدنيا هناك من يدعي الملك بخلاف الآخرة، فلا يدعيه أحد؛ إذ الكل حشر حافيًا عاريًا غُرلًا بُهْمًا، لا يملك شيئًا، كما قال تَعَالَى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} [الأنعام: ٩٤]، فلا يرى مَلِكًا ولا مالكًا ولا حاكمًا سواه -تبارك وتعالى-، حتى أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>