الملك يستلزم عدة صفات، منها: الحياة، والقوة، والقدرة، والغنى، والعزة، والحكم النافذ، والتصرف التام، والقيام بشؤون المملكة وحفظها.
ولله ﷻ من هذه الصفات أتمها وأكملها، فحياته حياة لا عدم معها، وقوته وقدرته لا ضعف ولا عجز معها، قال تَعَالَى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الملك: ١]، وقال: سُبْحَانَهُ ﴿لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التغابن: ١]، وغناه لا فقر ولا حاجة معه، وعزته لا غالب لها، وحكمه عام نافذ في الدنيا والآخرة، تَعَالَى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [الجمعة: ١]، وقيامه وحفظه لا غفلة معه ولا نسيان، قال تَعَالَى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ [البقرة: ٢٥٥].
ومع هذا كله سلم وتقدس من آفات الملوك وملكهم، قال تَعَالَى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ﴾ [الحشر: ٢٣].
فملكه عام للخلائق، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [الزخرف: ٨٥]، وعام للدنيا والآخرة، بل هو في الآخرة أظهر منه في الدنيا، قال تَعَالَى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: ٧٣]، وذلك لأن في الدنيا هناك من يدعي الملك بخلاف الآخرة، فلا يدعيه أحد؛ إذ الكل حشر حافيًا عاريًا غُرلًا بُهْمًا، لا يملك شيئًا، كما قال تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤]، فلا يرى مَلِكًا ولا مالكًا ولا حاكمًا سواه ﵎، حتى أنه