للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - نور معنوي: وهو النور الذي نور قلوب أنبيائه وأصفيائه وأوليائه وملائكته، من أنوار معرفته وأنوار محبته؛ فإن لمعرفته في قلوب أوليائه المؤمنين أنوارًا بحسب ما عرفوه من نعوت جلاله، وما اعتقدوه من صفات جماله، فكل وصف من أوصافه له تأثير في قلوبهم؛ فإن معرفة المولى أعظم المعارف كلها، والعلم به أجل العلوم، والعلم النافع كله أنوار في القلوب، فكيف بهذا العلم الذي هو أفضل العلوم وأجلها وأصلها وأساسها.

وقد كان من دعاء النبي سؤال هذا النور، ففي الحديث: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» (١).

فمن هذا الاسم تنطلق معاني العظمة والكبرياء والجلال والمجد؛ لتملأ القلوب من أنوار الهيبة والتعظيم والإجلال والتكبير، وتظهر معاني الجمال والبر والإكرام من أنوار المحبة والود والشوق، وتظهر معاني الرحمة والرأفة والجود واللطف من أنوار الحب النامي على الإحسان، وأنوار الشكر والحمد بأنواعه والثناء، وتبرز معاني العلم والإحاطة والشهادة والقرب الخاص من أنوار مراقبته، وتوصلهم إلى مقام الإحسان الذي هو أعلى المقامات كلها؛ «أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (٢)، فكل معنى ونعت من نعوت الرب يكفي في امتلاء القلب من نوره.


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٣١٦)، ومسلم، رقم الحديث: (٧٦٣).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>