للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسنها، ومادته من أصفى الأدهان، وأتمها وقودًا من زيت شجرة في وسط القراح (١)، لا شرقية، ولا غربية، بحيث تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار، بل هي في وسط القراح محمية بأطرافه، تصيبها الشمس أعدل إصابة، والآفات إلى الأطراف دونها، فمن شدة إضاءة زيتها وصفائه وحسنه يكاد يضيء من غير أن تمسه نار، فهذا المجموع المركب هو مثل نور الله تَعَالَى الذي وضعه في قلب عبده المؤمن وخصه به.

الطريقة الثانية: طريقة التشبيه المفصل، فقيل: المشكاة صدر المؤمن والزجاجة قلبه، وشبه قلبه بالزجاجة لرقتها وصفائها وصلابتها، وكذلك قلب المؤمن؛ فإنه قد جمع الأوصاف الثلاثة، فهو يرحم، ويحسن، ويتحنن، ويشفق على الخلق برقته، وبصفائه تتجلى فيه صور الحقائق والعلوم على ما هي عليه، ويباعد الكدر والدرن والوسخ بحسب ما فيه من الصفاء، وبصلابته يشتد في أمر الله تَعَالَى، ويتصلب في ذات الله تَعَالَى، ويغلظ على أعداء الله تَعَالَى، ويقوم بالحق لله تَعَالَى، وقد جعل الله تَعَالَى القلوب كالآنية، كما قال بعض السلف: القلوب آنية الله في أرضه، وأحبها إليه أرقها، وأصلبها، وأصفاها» (٢).


(١) القراح من الأرض: «التي ليس بها شجر ولم يختلط بها شيء». تهذيب اللغة، للأزهري (٤/ ٢٨).
(٢) ينظر: اجتماع الجيوش الإسلامية، لابن القيم (٢/ ٥٠ - ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>