للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوفق العبد لذلك إلا بمعونة من الله وفضل، قال تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الزمر: ٢٢].

والمؤمن متى استسلم لأمر ربه، والتزم بفرائضه، وأدى أوامره، واجتنب نواهيه؛ فإنه بهذا العمل يتقرب إلى الله ويتحبب إليه، فيقذف الله في قلبه نورًا، حتى إذا ما امتلأ القلب بنور الله، استنار به الوجه في الدنيا والآخرة، وانقادت الجوارح بالطاعة راغبة، وهذا النور الذي في القلب هو الذي يمنع العبد من ارتكاب الفواحش، كما قال النبي : «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» (١)، فأخبر أن وقوع هذه الكبائر لا يكون ولا يقع مع وجود الإيمان ونوره (٢).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «قال ابن عباس: إن للحسنة لنورًا في القلب، وضياء في الوجه، وقوة في البدن، وزيادة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة لظلمة في القلب، وغبرة في الوجه، وضعفًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضًا في قلوب الخلق» (٣).

وهذا أمر محسوس لمن كان له قلب؛ فإن ما في القلب من النور والظلمة، والخير والشر يسري كثيرًا إلى الوجه والعين، وهما أعظم الأشياء ارتباطًا بالقلب؛ ولهذا يروى عن عثمان، أو غيره أنه قال: «ما أسرَّ أحد بسريرة، إلا


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٢٤٧٥)، ومسلم، رقم الحديث: (٥٧).
(٢) ينظر: فتح الرحيم العلام، للسعدي (ص ٦٢ - ٦٥).
(٣) الداء والدواء، لابن القيم (ص: ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>