للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من نوره مثل النخلة، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم، وأدناهم نورًا: مَن نوره في إبهامه، يتقد مرة ويطفأ مرة» (١).

كفايته لهم عذاب النار «فلا يدخلونها، ولا يكونون قريبًا منها، بل يبعدون عنها، غاية البعد، حتى لا يسمعوا حسيسها، ولا يروا شخصها، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١ - ١٠٢]» (٢).

- ثم إن هذه الوكالة والكفالة والكفاية العامة والخاصة في منتهى الكمال والتمام ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [الأحزاب: ٣]، وكيف لا تكون كذلك، وهو الوكيل الحي الذي لا يموت، قال تَعَالَى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٨].

وهو الوكيل الملك الذي ملك المشرق والمغرب وما بينهما، قال تَعَالَى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾ [المزمل: ٩]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٦].

وهو الوكيل الغني، الذي مهما كفل وأعطى خلقه ما سألوه واحتاجوه لم ينقص ما عنده، بل يمينه سُبْحَانَهُ ملأى لا تغيضها نفقة، ولو أن عباده كلهم قاموا في صعيد واحد، فسألوه فأعطى كل واحد مسألته ما نقص ذلك مِن ملكه إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخِلَ البحر.


(١) تفسير الطبري (٢٣/ ١٧٩).
(٢) تفسير السعدي (ص: ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>