للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيه. قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي (١)؟ فقال: مَا شِئْتَ، قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قال: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» (٢).

قال المباركفوري : «وفي هاتين الخصلتين- أي: كفاية الهم، ومغفرة الذنب- جماع خير الدنيا والآخرة، فإن من كفاه الله همه سلم من محن الدنيا وعوارضها؛ لأن كل محنة لا بد لها من تأثير الهم وإن كانت يسيرة، ومن غفر الله ذنبه سلم من محن الآخرة؛ لأنه لا يوبق العبد فيها إلا بذنوبه» (٣).

متابعة رسول الله واقتفاء أثره، قال ابن القيم ، عند قوله تَعَالَى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر ٣٦]: «والمقصود أن بحسب متابعة الرسول تكون العزة والكفاية والنصرة، كما أن بحسب متابعته تكون الهداية والفلاح والنجاة، فالله سُبْحَانَهُ علق سعادة الدارين بمتابعته، وجعل شقاوة الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمن، والفلاح والعزة، والكفاية والنصرة، والولاية والتأييد، وطيب العيش في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذلة والصغار والخوف والضلال والخذلان والشقاء في الدنيا والآخرة» (٤).


(١) أي: كم أجعل لك من دعائي صلاة عليك؟ ينظر: تحفة الأحوذي (٧/ ١٢٩).
(٢) أخرجه الترمذي، رقم الحديث: (٢٤٥٧)، والحاكم، رقم الحديث: (٣٥٩٩)، حكم الألباني: حسن، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (٢٤٥٧).
(٣) مشكاة المصابيح، مع شرحه مرعاة المفاتيح (٣/ ٥٤٦).
(٤) ينظر: زاد المعاد (١/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>