للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية الكريمة: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ﴾ الآية [فصلت: ٣٣]، فقال: «هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، هذا خليفة الله» (٢).

ويروى عن الخليل بن أحمد أنه قال: «إن لم تكن هذه الطائفة- يعني: أهل العلم- أولياء الله، فليس لله ولي» (٣).

فبهذا تنال ولاية الله، لا بمجرد الدعاوى والأماني؛ فهؤلاء اليهود والنصارى ادعوا أنهم أولياء الله وأحباؤه، فرد الله عليهم بقوله سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ١٨]، وادعاها مشركو العرب؛ لسكنهم مكة، فقال الله تَعَالَى: ﴿وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٣٤].

فليس كل من ادعى الولاية وتظاهر بها يعد وليًّا لله، بل قد يعد وليًّا للشيطان كما هو الحال في أهل الزيغ والضلال الذين تركوا الفرائض، وقارفوا المحرمات، وزعموا أن التكاليف سقطت عنهم؛ لولايتهم، فهؤلاء في الحقيقة أولياء للشيطان، وليسوا من أهل ولاية الله في شيء، قال تَعَالَى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٧]. (٤)


(٢) تفسير ابن كثير (٧/ ١٨٠).
(٣) تهذيب الكمال، للمزي (٨/ ٣٣١).
(٤) ينظر: النهج الأسمى، للنجدي (٢/ ٥٢ - ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>